السلام عليكم و رحمة الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الصراط
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو الْخَطَّابِ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَنَا فَاعِلٌ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ قَالَ اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْحَوْضِ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ الْمَوَاطِنَ
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونَ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو الْخَطَّابِ )
هُوَ حَرْبُ بْنُ مَيْمُونَ الْأَكْبَرُ صَدُوقٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ مِنْ السَّابِعَةِ
( أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ )
الْأَنْصَارِيُّ أَبُو مَالِكٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ
( عَنْ أَبِيهِ )
أَيْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَوْلُهُ : ( قَالَ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ )
أَيْ الشَّفَاعَةَ الْخَاصَّةَ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْأُمَّةِ دُونَ الشَّفَاعَةِ الْعَامَّةِ
( قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُك )
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْ فِي أَيِّ مَوْطِنٍ مِنْ الْمَوَاطِنِ الَّتِي اِحْتَاجَ إِلَى شَفَاعَتِك أَطْلُبُك لِتُخَلِّصَنِي مِنْ تِلْكَ الْوَرْطَةِ , فَأَجَابَ : " عَلَى الصِّرَاطِ وَعِنْدَ الْمِيزَانِ وَالْحَوْضِ " أَيْ أَفْقَرُ الْأَوْقَاتِ إِلَى شَفَاعَتِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ , فَإِنْ قُلْت كَيْفَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ : فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا " . قُلْت جَوَابُهُ لِعَائِشَةَ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَتَّكِلَ عَلَى كَوْنِهَا حَرَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَجَوَابُهُ لِأَنَسٍ كَيْ لَا يَيْأَسَ اِنْتَهَى . قَالَ الْقَارِي : فِيهِ أَنَّهُ خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَهُوَ مَحَلُّ الِاتِّكَالِ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْيَأْسَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لَهَا أَيْضًا , فَالْأَوْجَهُ , أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَائِبِينَ فَلَا أَحَدٌ يَذْكُرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ الْغُيَّبِ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أُمَّتِهِ اِنْتَهَى
( قَالَ اُطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي )
أَيْ فِي أَوَّلِ طَلَبِك إِيَّايَ
( عَلَى الصِّرَاطِ )
فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَأَوَّلُ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ . وَقَالَ الطِّيبِيُّ : نَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ
( قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ )
فِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الْمِيزَانَ بَعْدَ الصِّرَاطِ
( فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ )
بِضَمِّ هَمْزَةٍ وَكَسْرِ الطَّاءِ بَعْدَهَا هَمْزٌ , أَيْ لَا أَتَجَاوَزُ . وَالْمَعْنَى : " أَنِّي لَا أَتَجَاوَزُ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ الثَّلَاثَةَ وَلَا أَحَدٌ يَفْقِدُنِي فِيهِنَّ جَمِيعِهِنَّ فَلَا بُدَّ أَنْ تَلْقَانِي فِي مَوْضِعٍ مِنْهُنَّ " وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَوْضَ بَعْدَ الصِّرَاطِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ . قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ : إِيرَادُ الْبُخَارِيِّ لِأَحَادِيثِ الْحَوْضِ بَعْدَ أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ وَبَعْدَ نَصْبِ الصِّرَاطِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْوُرُودَ عَلَى الْحَوْضِ يَكُونُ بَعْدَ نَصْبِ الصِّرَاطِ وَالْمُرُورِ عَلَيْهِ , ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ قَالَ : وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ كَوْنُ الْحَوْضِ بَعْدَ الصِّرَاطِ بِمَا ثَبَتَ أَنَّ جَمَاعَةً يُدْفَعُونَ عَنْ الْحَوْضِ بَعْدَ أَنْ يَكَادُوا يَرِدُونَ وَيُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ . وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى الْحَوْضِ يَكُونُ قَدْ نَجَا مِنْ النَّارِ , فَكَيْفَ يُرَدُّ إِلَيْهَا ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقَرَّبُونَ مِنْ الْحَوْضِ بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ وَيَرَوْنَ النَّارَ فَيُدْفَعُونَ إِلَى النَّارِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُصُوا مِنْ بَقِيَّةِ الصِّرَاطِ . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ : ذَهَبَ صَاحِبُ الْقُوتِ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْحَوْضَ يَكُونُ بَعْدَ الصِّرَاطِ . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الْعَكْسِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضَيْنِ , أَحَدُهُمَا فِي الْمَوْقِفِ قَبْلَ الصِّرَاطِ . وَالْآخَرُ دَاخِلَ الْجَنَّةِ , وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى كَوْثَرًا اِنْتَهَى . وَقَدْ تَعَقَّبَ الْحَافِظُ عَلَى الْقُرْطُبِيِّ فِي قَوْلِهِ : وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضَيْنِ إِلَخْ , وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ .
قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ )
وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ .